المنحه ياريس

من اول ما وعيت عالدنيا اتعودت في واحد مايو اني اصحي عالساعة 11 الصبح علي صوت موسيقي مستفزة في التلفزيون المصري خاصة بعيد العمال تنذر بقرب حلول الخطاب الهام والمرتقب للسيد الرئيس بمناسبة عيد العمال وبعدين اغير عالقناة التانية عشان اتفرج علي برامج الاطفال فتطلع مذيعة القناة التانية لتعلن عن انضمام القناتين الاولي والثانية لاذاعة الخطاب المنتظر مصحوب بالترجمة الفورية علي القناة التانية (علي اساس ان العالم كله منتظر الخطاب)المهم بيطل علينا الاستاذ مسعد ابو ليلة والاستاذ خيري حسن ومذيعة كمان كده مش فاكر اسمها عشان يعلقوا عالحدث المهم واخيرا وبعد طول انتظار بيظهر موكب الرئيس الاسطوري وبيدخل القائد العظيم قاعة المؤتمرات ... الممتلئة بخيرة عمال وابطال مصر الاكفاء ..لتضج القاعة بالتصفيق الحاد لمدة تزيد عن ربع ساعة ويتفاعل معهم القائد بتواضع العظماء ويقولهم شكرا...شكرا ثم تبدأ مباراة في القاء أبيات الشعر المرتجل خفيف الظل الذي يعبر بتلقائية وبساطة وصدق عن العواطف الجياشة التي يحملها العمال المصريين تجاه زعيمهم المفدي ..ويرد عليهم الرئيس بضحكته العذبة الشهيرة بل احيانا كان بيتنازل ويهزر معاهم بقفشاته المرحة...يعني مثلا لو حد طول شوية يقوله((انت شكلك فاطر كويس النهاردة))لتغرق القاعة في موجة من الضحك المتواصل علي هذه القفشة المذهلة ... ثم يقوم السيد راشد اكثر الرجال نفاقا في العالم-لاينافسه في هذا اللقب سوي اسامة سرايا وممتاز القط -ويلقي كلمة مفعمة بالامل والتفاؤل ومحملة بالحب والامتنان لجلالة الرئيس...ثم تأتي اللحظة الهامة والمرتقبة التي يعلن فيها المذيع الداخلي عن كلمة السيد الرئيس لتضج القاعة بالتصفيق مرة اخري وتتعالي الهتافات مرة اخري من عينة يا مبارك يا مبارك السويس في انتظارك وبالروح بالدم نفديك يا مبارك فييجي الريس علي نفسه تاني ويضحك ضحكته العذبة السالف ذكرها ثم يبدأ الريس بالحديث عن الانجازات العظيمة التي حققناها في العام الماضي من كباري وصرف صحي ويتحدث عن المزيد من الكباري والمجاري المفترض انشاؤها في العام القادم-طبعا ماتنسوش ان بين كل كلمة وكلمة ربع ساعة تصفيق حاد وشعر مرتجل من القلب-الي ان تأتي اللحظة التاريخية التي يستجمع فيها احد العمال شجاعته (بدون تخطيط مسبق)ويهتف...المنحة ياريييييييييس لتنفجر موجة من التصفيق والتشجيع والحار (نص ساعة المرة دي)مؤيدة لهذا الطلب المشروع ...فيبتسم الرئيس ابتسامة خجولة (نظام انتو فاجئتوني يا جماعة انا ماكنتش عامل حسابي)..ثم يعلن الريس عن المنحة المنتظرة وقدرها ثلاثون جنيها ...المرة دي بقي التصفيق ساعتين وفي حالات اغماء بتحصل وناس بتموت من الفرحة ...وتنهمر الدموع من عيون ملايين المصريين اما الشاشة الصغيرة ويطلقون لاحلامهم العنان نحو مستقبل افضل وعيشة كريمة ...ثم يختتم الرئيس كلمته وتنفصل القناة الاولي عن الثانية وتقوم القناة الاولي بعرض فيلم ابن الحداد للمبدع يوسف وهبة والقناة التانية تجيب فيلم الايدي الناعمة للفنان احمد مظهر ....ويعاد اذاعة الخطاب الهام بواقع عشرين مرة عربي وعشرين انجليزي واثناء الفواصل تذاع موسيقي عيد العمال الشهيرة او اغنية الاستاذ محمد ثروت بتاعت مش بنهلل ولا بنقلل ولا بنفرق بين عهدين حق ولادي يشوفو بلادي مصر جديدة سنة الفين ....وبعد ما يخلص اليوم الجميل ده والناس تروح اشغالها ويدخلو جمعيات بالتلاتين جنيه يفاجئوا بارتفاع جنوني في الاسعار يقضي عالاخضر واليابس ويحيل حياة المواطنين الي جحيم ...وطبعا الارتفاع ده بيبقي من غير الريس ما يعرف لان الطباخ بتاعه موالي مع الحكومة وما بيقولوش علي بيحصل في البلد ويعود الناس الي العمل مرة اخري في ذلة وانكسار ويتبادلون النكات التلقائية المرحة -التي يتميز بها شعبنا عن سائر الشعوب-عن الاشتغالات اللي بتعملها معانا الحكومة ...ونجلس ننتظر للعام القادم عشان نقول (المنحة يا رييييييييس)ياتري مين هيدينا المنحة من بعدك ياريس

قاصدك و مين حيدينا البومبة من بعدك ياريس

كانوا بيسرقونا وفى الاخر يرمولنا شوية عضم علشان نفرح بيه ونسكت عن البلاوى الى بتحصل

و ياريت بيسيبووه دا كمان بعد ما بيطلعوه من تحت اديهم بعد ما بيشبعوا فيه مصمة بيلموة مننا تاني